الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
8271 - (من أمَّن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافراً) لكنه مؤمّن بخلاف ما إذا كان مرتداً [ص 20] أو حربياً وفيه أن لكل مسلم ولو عبداً أو امرأة غير أسير ولا مكره تأمين كافر وكافرة قتله قال الإمام: وعليه دية ذمي. - (ن عن عمرو بن الحمق) قال الهيثمي: ورواه عنه الطبراني بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات. 8272 - (من آوى) بالمد والقصر فكل منهما يلزم ويتعدى لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهر وبه جاء التنزيل - (حم م) في القضاء (عن زيد بن خالد) الجهني ورواه النسائي أيضاً ولم يخرجه البخاري. 8273 - (من آوى يتيماً أو يتيمين) أي ضمهما إليه وقام بمؤونتهما (ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) تمامه عند مخرجه الطبراني وحرك أصبعيه السبابة والوسطى قال الطيبي: وقوله في الجنة خبر كان فيجب أن يقدر متعلقة خاصاً ليوافقه قوله كهاتين أي متقارنين في الجنة اقتراناً مثل اقتران هاتين الأصبعين ويجوز أن يكون كهاتين حالاً من الضمير المستتر في الجنة. - (طس عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم. 8274 - (من ابتاع) أي اشترى (طعاماً) هو ما يؤكل (فلا يبعه حتى يستوفيه) أي يقبضه كما جاء مصرحاً به في رواية لئلا يكون متصرفاً في ملك غيره بلا إذنه فإن الزيادة على المسمى في الكيل والوازن للبائع وقيد الطعام اتفاقي لأن النهي عام في كل منقول عند أبي حنيفة وفي العقار أيضاً عند الشافعي وجعل مالك وأحمد القيد للاحتراز. - (حم ق ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب. 8275 - (من ابتاع) أي اشترى (مملوكاً) عبداً أو أمة (فليحمد اللّه) أي على تيسره له (وليكن أول ما يطعمه) الشيء (الحلو) أي ما فيه حلاوة خلقية أو مصنوعة (فإنه أطيب لنفسه) مع ما فيه من التفاؤل الحسن، والأمر للندب. - (ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة) ورواه عنها أيضاً ابن عدي ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن معاذ مرفوعاً وعده ابن الجوزي في الموضوعات. 8276 - (من ابتغى العلم) أي طلب تعلمه (ليباهي به العلماء) أي يفاخرهم ويطاولهم به (أو يماري به السفهاء) أي يجادلهم ويخاصمهم والمماراة المجادلة والمحاجة من المرية وهي الشك فإن كان واحد من المتخاصمين يشك فيما يقوله الآخر (أو تقبل) بطلبه [ص 21] (أفئدة الناس) أي قلوبهم (إليه فإلى النار) أي فالمبتغى ذلك مآله إلى النار وفي رواية فأدخله اللّه النار قال القاضي: ثم المختص بهذا الوعيد إن كان من أهل الإيمان فلا بد من دخوله الجنة كما عرف بالنصوص الصحيحة فتأويل الحديث أن يكون تهديداً أو زجراً عن طلب الدنيا بعمل الآخرة وعد الذهبي تعلم العلم لشيء مما ذكر من الكبائر. - (ك هب) من حديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عبد اللّه بن كعب (عن) أبيه (كعب بن مالك) قال الحاكم: لم يخرجا لإسحاق وإنما أخرجته شاهداً وقال الذهبي في الكبائر عقب تخريجه: في الحديث إسحاق واه. 8277 - (من ابتغى القضاء) أي طلبه (وسأل فيه) أي في توليته (شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل اللّه عليه ملكاً يسدده) قال الطيبي: جمع بين ابتغى وطلب وسأل إظهاراً لحرصه فإن النفس مائلة إلى حب الرئاسة وطلب الترفع فمن منعها سلم من هذه الآفة ومن اتبع هواه وسأل القضاء هلك ولا سبيل إلى الشروع فيه إلا بالإكراه وفي الإكراه قمع هوى النفس وحينئذ يسدده إلى طريق الصواب. - (ت عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو في ذلك تابع لمخرجه حيث قال: حسن غريب قال في المنار: ولم يبين علته وقد خرجه من طريقين ففيه من طريق خيثمة النضري لم تثبت عدالته وقال ابن معين: ليس بشيء ومن الطريق الأخرى بلال بن مرداس مجهول وعبد الأعلى بن عباس ضعيف. 8278 - (من ابتلى) البلاء الامتحان يعني من امتحن (من هذه) الإشارة إلى أمثال المذكورات في السبب الآتي في الفاقة أو جنس البنات مطلقاً (البنات بشيء) من أحوالهن أو من أنفسهن لينظر هل يحسن أو يسيء، وعدّ نفس وجودهن بلاء لما ينشأ عنهن من العار تارة والشر تارة والفتن بين الأصهار أخرى (فأحسن إليهن) بالقيام بهن على الوجه الزائد عن الواجب من نحو إنفاق وتجهيز وغير ذلك بما يليق بأمثالهن على الكمال المطلوب (كنّ له ستراً) أي حجاباً وأراد بالستر الجنس الشامل للقليل والكثير وإلا لقال أستاراً (من النار) جزاءاً وفاقاً فمن سترهن بالإحسان جوزي بالستر من النيران، وأفاد تأكيد حق البنات لضعفهن غالباً بخلاف الذكور لما لهم من القوة وجودة الرأي وإمكان التصرف غالباً. <تنبيه> قال الزين العراقي: لم يقيد هذه الرواية بالاحتساب وقيده في أخرى به والظاهر حمل المطلق على المقيد. - (حم ق ت عن عائشة) قالت: دخلت امرأة ومعها بنتان لها فسألت فلم أجد عندي شيئاً غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته فذكره. 8279 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه) أي نظره إلى من تحاكم إليه منهم (وإشارته ومقعده ومجلسه) وجميع وجوه الإكرام من السلام وغيره فيحرم عليه ترك التسوية. - (قط طب هق عن أم سلمة) قال الذهبي في المهذب: إسناده واه. 8280 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فلا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر) بل يسوي بينهم [ص 22] في الرفع وعدمه لوجوب التسوية كما مر. - (طب هق عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال مخرجه البيهقي نفسه عقب تخريجه الحديث: محمد بن العلاء أي أحد رجاله ليس بالقوي اهـ. وفيه محمد بن الحسين السلمي الصوفي وقد سبق عن الخطيب أنه وضاع. 8281 - (من ابتلي) بضم التاء (فصبر وأعطى) بكسر الطاء (فشكر، وظلم) بضم الظاء (فغفر، وظلم) بفتح الظاء (فاستغفر: أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) استدل به القرطبي وغيره على أن حصول الابتلاء وكل ما يترتب عليه التكفير لا يحصل به الموعود إلا بانضمام الصبر إليه ورد بأن الكلام هنا في ثواب مخصوص وهو حصول الأمن والهداية لا في مطلق الثواب. - (طب هب عن سخبرة) بمهملة مفتوحة فمعجمة ساكنة فموحدة تحتية مفتوحة وزن مسلمة هو الأزدي وقيل الأسدي وهو والد عبد اللّه بن سخبرة له صحبة ذكره ابن الأثير وفي التقريب كأصله: صحابي في إسناد حديثه ضعف اهـ ورمز المصنف لحسنه وأصله قول الحافظ في الفتح: خرجه الطبراني بسند حسن. 8283 - (من أتى المسجد) أي قصده (لشيء) أي لفعل شيء فيه (فهو حظه) أي نصيبه من إتيانه لا يحصل له غيره فمن أتاه لصلاة حصل له أجرها أو لزيارة بيت اللّه حصلا له ومن أتاه لهما مع تعلم علم أو إرشاد جاهل حصل له ما أتاه لأجله أو أتاه لنحو تفرج أو إنشاد ضالة فهو حظه وهو من قوله عليه السلام وإنما لكل امرء ما نوى. - (د عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه عنه ابن ماجه أيضاً قال عبد الحق: وفيه عثمان بن أبي عاتكة قال ابن معين: ليس بشيء وابن حنبل: لا بأس به وقال المنذري: ضعفه غير واحد وقال الذهبي: صدقه النسائي ووثقه غيره 8282 - (من أبلى) بضم الهمزة وكسر اللام (بلاء) أي أنعم عليه بنعمة والبلاء يستعمل في الخير والشر لأن أصله الاختبار والامتحان كما تقرر (فذكره فقد شكره) يعني أن من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره وذا لا ينافي رؤية النعمة منه تعالى لأن للمعطي طريقاً في وصولها وقد أثنى اللّه على عباده بأعمالهم وهو خالقها ومن تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء ولا يحتقره (وإن كتمه فقد كفره) أي ستر نعمة العطاء وغطاها - (د والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد اللّه ورواته ثقات. 8284 - (من أتى عرّافاً) بالتشديد وهو من يخبر بالأمور الماضية أو بما أخفي وزعم أنه هو الكاهن يردّه جمعه بينهما في الخبر الآتي قال النووي: والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن المستقبلة ويزعم معرفة الأسرار والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك ومن الكهنة من يزعم أن جنياً يلقي إليه الأخبار ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه وأمارات يستدلّ بها عليه وقال ابن حجر: الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الأمور المغيبة وكانوا في الجاهلية كثيراً فمعظمهم كان يعتمد على من تابعه من الجن وبعضهم كان يدعي معرفة ذلك بمقدمات أسباب يستدلّ على مواقعها من كلام من يسأله وهذا الأخير يسمى العراف بمهملتين اهـ (فسأله عن شيء) أي من المغيبات ونحوها (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) خص العدد بالأربعين على عادة العرب في [ص 23] ذكر الأربعين والسبعين ونحوهما للتكثير أو لأنها المدة التي ينتهي إليها تأثير تلك المعصية في قلب فاعلها وجوارحه وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير، ذكره القرطبي، وخص الليلة لأن من عاداتهم ابتداء الحساب بالليالي. وخص الصلاة لكونها عماد الدين فصومه كذلك، كذا قيل، ثم اعلم أن ذا وما أشبهه كمن شرب الخمر يلزمه الصلاة وإن لم تقبل. إذ معنى عدم القبول عدم الثواب لاستحقاق العقاب فالصلاة مع القبول لفاعلها الثواب بلا عقاب ومع نفيه لا ثواب ولا عقاب، هذا ما عليه النووي لكن اعترض بأنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين فكيف يسقط ثواب صلاة صحيحة بمعصية لاحقة؟ فالوجه أن يقال المراد من عدم القبول عدم تضعيف الأجر لكنه إذا فعلها بشروطها برئت ذمته من المطالبة بها ويفوته قبول الرضا عنه وإكرامه ويتضح باعتبار ملوك الأرض - (حم م) في الطب (عن بعض أمهات المؤمنين) وعينها الحميدي بأنها حفصة. 8285 - (من أتى عرافاً أو كاهناً) وهو من يخبر عما يحدث أو عن شيء غائب أو عن طالع أحد بسعد أو نحس أو دولة أو محنة أو منحة (فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل اللّه على محمد) من الكتاب والسنة وصرح بالعلم تجريداً وأفاد بقوله فصدقه أن الغرض إن سأله معتقداً صدقه فلو فعله استهزاء معتقداً كذبه فلا يلحقه الوعيد، ثم إنه لا تعارض بين ذا الخبر وما قبله لأن المراد إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر قال الراغب: العرافة مختصة بالأمور الماضية والكهانة بالحادثة وكان ذلك في العرب كثيراً وآخر من روى عنه الأخبار العجيبة سطيح وسواد بن قارب. - (حم ك عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وقال الحافظ العراقي في أماليه: حديث صحيح ورواه عنه البيهقي في السنن فقال الذهبي: إسناده قوي. 8286 - (من أتى فراشه) لينام (وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه) أي نام قهراً عليه (حتى يصبح كتب له ما نوى) إنما الأعمال بالنيات وفيه أن الأمور بمقاصدها (وكان نومه صدقة عليه من ربه). - (ن ه حب ك عن أبي الدرداء) قال الحاكم: على شرطهما وعلته أن معاوية بن عمرو رواه عن زائدة فوقفه وحسين الجعفي أحفظ كذا في المستدرك وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: سنده صحيح وقال المنذري: سنده جيد. 8287 - (من أتى الجمعة والإمام يخطب) خطبتها (كانت له ظهراً) أي فاتته الجمعة فلا يصح ما صلاه جمعة بل ظهراً لفوات شرطها من سماعه للخطبة وهذا إن لم يتم العدد إلا به. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن العاص. 8288 - (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضاً) أي جامعها حال حيضها (أو أتى امرأة في دبرها) قال الطيبي: أتى: لفظ مشترك بين المجامعة وإتيان الكاهن (فقد بريء مما أنزل على محمد) صلى اللّه عليه وسلم، قال الطيبي: تغليظ شديد ووعيد هائل كيف لم يكتف بكفره بل ضم إليه [ص 24] بما أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم وصرح بالعلم تجديداً والمراد بالمنزل الكتاب والسنة أي من ارتكب هذه المذكورات فقد بريء من دين محمد صلى اللّه عليه وسلم بما أنزل عليه وفي تخصيص المرأة المنكوحة في دبرها دلالة على أن إتيان الأجنبية سيما الذكران أشد نكيراً وفي تقديم الكاهن عليهما ترقٍّ من الأهون إلى الأغلظ اهـ. وقال المظهر: المراد أن من فعل هذه المذكورات واستحلها فقد كفر ومن لم يستحلها فهو كافر النعمة على ما مر غير مرة وليس المراد حقيقة الكفر وإلا لما أمر في وطء الحائض بالكفارة كما بينه الترمذي وغيره، واعلم أن إتيان الكاهن شديد التحريم حتى في الملل السابقة قال في السفر الثاني من التوراة: لا تتبعوا العرافين والقافة ولا تنطلقوا إليهم ولا تسألوهم عن شيء لئلا تتنجسوا بهم وفي الثالث من تبعهم وضل بهم أنزل به غضبي الشديد وأهله من شيعه اهـ. وإتيان الحائض مضر شرعاً وطباً، قال الحرالي: هو مؤذ للجسم والنفس لاختلاط النطفة بركس الدم الفاسد العافن حتى قيل إن الموطوءة فيه يعرض لولدها أنواع من الآفات. <فائدة> قال الحافظ ابن حجر في اللسان في ترجمة سهل بن عمار: أصل وطء الحليلة في الدبر أي فعله مروي عن ابن عمرو عن نافع وعن مالك من طرق عدة صحيحة بعضها في صحيح البخاري وفي غريب مالك للدارقطني. - (حم 4) في الطب والبعض في الطهارة (عن أبي هريرة) قال البغوي: سنده ضعيف قال المناوي: وهو كما قال وقال الترمذي: ضعفه البخاري وقال ابن سيد الناس: فيه أربع علل التفرد عن غير ثقة وهو موجب للضعف وضعف رواته والانقطاع ونكارة متنه وأطال في بيانه، وقال الذهبي في الكبائر: ليس إسناده بالقائم، وقال المنذري: رووه كلهم من طريق حكيم الأثرم عن ابن تميمة وهو طريق خالد عن أبي هريرة وسئل ابن المديني من حكيم فقال: عياناً هذا وقال البخاري: لا يعرف لابن تميمة سماع من أبي هريرة. 8289 - (من أتى كاهناً فسأله عن شيء حجبت عنه التوبة أربعين ليلة فإن صدقه بما قال كفر) تمسك به الخوارج على أصولهم الفاسدة في التكفير بالذنوب ومذهب أهل السنة أنه لا يكفر فمعناه قد كفر النعمة أي سترها فإن اعتقد صدقه في دعواه الإطلاع على الغيب كفر حقيقة على ما مر بسطه. - (طب عن واثلة) بن الأسقع قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي: فيه سليمان بن أحمد الواسطي وهو متروك. 8290 - (من أتى إليكم معروفاً فكافئوه) لأن في ذلك التواصل والتحابب والذي أتاك المعروف محتاج كأنت فقابله بمثل فعله وأحسن قال سبحانه - (هب عن الحكيم بن عمير) الثمالي، قال الهيثمي: فيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف. 8291 - (من أتى امرأة) أي جامعها (في حيضها) عمداً أو جهلاً (فليتصدق) ندباً وقيل وجوباً (بدينار) أي بمثقال إسلامي خالص (ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار) ولا شيء على المرأة لأنه حق تعلق بالوطء فخوطب به الرجل دونها كالمهر. - (طب عن ابن عباس) وصححه الحاكم لكن نوزع بضعف سنده واضطراب متنه فروى مرفوعاً وموقوفاً ومرسلاً ومعضلاً وبدينار مطلقاً وبنصف كذلك وبخمسي دينار وباعتبار صفات الدم وبدونه وباعتبار أول الحيض وآخره لكن أطال ابن القطان في الانتصار له وأنه من [ص 25] طريق أبي داود صحيح وإن كان ضعيفاً من غيرها قال ابن حجر: وهو الصواب ولا يضر الاضطراب فكم من حديث احتجوا به وفيه من الخلف أكثر مما في هذا الخبر؟ كخبر القلتين، وفيه رد على النووي في زعمه ضعفه. اهـ. 8292 - (من أتاه أخوه) في الدين وإن لم يكن أخوه من النسب (متنصلاً) أي منتفياً من ذنبه معتذراً إليه (فليقبل ذلك منه) ندباً مؤكداً سواء كان (محقاً) في اعتذاره (أو مبطلاً) فيه (فإن لم يفعل) أي لم يقبل معذرته (لم يرد عليَّ الحوض) يوم القيامة حين يرده المؤمنون فيسقيهم منه لأن تنصله خروج من الذنب واستسلام له واللّه سبحانه يقبل التوبة ممن أقبل عليه وأسلم وجهه إليه معاملة له برجائه وهو يحب صفاته ويحب من تخلق بشيء منها كما سبق فمن عرض عليه التحلي بهذا الخلق العظيم فأبى واستكبر عن قبوله ورد المتنصل إليه خائباً ولم يبرد قلبه بقبول معذرته جوزي على ذلك فإطالة عطشه في الموقف حين تدنو الشمس من الرؤوس فيعاقب بتقديم غيره في الورود في ذلك اليوم المشهود حتى يكون من آخر الواردين. <تنبيه> حكي أن أبا سهل الصعلوكي بحث في مسألة في محفل مع عبد اللّه الختن فأغلظ عليه أبو سهل في الرد ثم جاء يعتذر إليه في السر فأنشد الختن. جفاء جرى لدى الناس فانبسط * وعذر إلى سر فأكد ما فرط ومن رام أن يمحو جلى اعتدائه * خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط فبين الختن أن الاعتذار لا يمحو الذنب إلا إن جرى على نحو الذي جرى عليه التقصير وهذا قد ينافيه ظاهر قوله في الحديث محقاً أو مبطلاً إلا أن يراد أن هذا هو مقام الكمال والحاصل أن الكلام في مقامين مقام يتعلق بالعافي وهذا الأكمل فيه قبول العذر وإن علم كذبه سواء أنكر وقوع الذنب أو أقر فطلب العفو ومقام يتعلق بما يلحقه من المعتذر إليه وصمة ألحقها به في الملأ فهذا لا يرفع الاعتذار منه الذنب إلا إن كان بحضرة أولئك الذين أوهمهم إلحاق النقص به وهذا بالنسبة إلى الآحاد أما بالنسبة لكمل الرجال فالعفو مطلوب على كل حال. - (ك عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً ابن السني والديلمي. 8293 - (من اتبع الجنازة فليحمل بجوانب السرير كلها) النعش الذي فوقه الميت وفي الحديث إيماء إلى تفضيل التربيع في حمل الجنازة وهو أن يتقدم رجلان ويتأخر رجلان وهو مذهب الحنفية وفضل الشافعية الحمل بين العمودين وهو أن يضع واحد العمودين على عاتقيه ويحمل المؤخر رجلان لأدلة أخرى. - (ه عن ابن مسعود). 8294 - (من اتبع كتاب اللّه) القرآن أي أحكامه (هداه من الضلالة ووقاه سوء الحساب يوم القيامة) تمامه عند الطبراني وذلك أن اللّه عز وجل قال: - (طس عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أبو شيبة وعمران بن أبي عمران وكلاهما ضعيف جداً. 8295 - (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر اللّه إليه في العمر) أي بسط عذره على مواضع التملق له وطلب العذر إليه كما يقال لمن فعل ما نهى عنه ما حملك على هذا؟ فيقول خدعني فلان وغرّني كذا ورجوت كذا وخفت كذا [ص 26] فيقال له قد عذرناك وتجاوزنا عنك فإذا لم يرجع العبد ويعتذر مع تلاهي العمر وحلول الشيب الذي هو نذير الموت بساحته فقد خلع عذاره ورفض إنذاره وعدم الحجة في ترك الحجة ولا قوة إلا باللّه، قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدّاً لذلك لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفاً منه تعالى بعباده حتى ينقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجة الواضحة. - (حم) من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وخرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور ثم قال: استشهد به البخاري وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور من الوجه الذي خرجه منه أحمد. 8296 - (من أتته) في رواية الطبراني من هديت له (هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه فيها) لأنه تعالى قد أوصى في التنزيل بالإحسان إلى الجليس وهو يعم الصاحب في الحضر والرفيق في السفر والزوجة وهي أعظمها وإنما وجب لهم حق الإكرام بمقاسمتهم من الإنعام لأنه سبحانه وتعالى أقام لك من جهتهم مرفقاً موفقاً ومنفعاً فإن لم يوجب لهم الحق لم يشكرهم واللّه لا يحب الكفور قال الحكيم: الجلساء هم الذين داوموا على مجالستك حتى صاروا معك كشيء واحد فليس كل من جلس إليك جليسك بل الجليس من أفضى إليك أسراره ويخالطك في أمورك فله حق وحرمة. (حكاية) قال ابن العربي: أخبرني بهجة الملك أبو طالب ابن عين الدولة ملك صور أنه أهدى لملك مصر هدية عظمى جمعت كل ظريفة وتحفة من الآلات السلطانية والذخائر العجيبة قال: إن وجه حسنها لم يوجد مثلها لعينها وواصل جمعها في أعوام كثيرة فلما كملت بعثها إليه فدخل الرسل عليه في فسطاط مصر وسلموا له كتب الهدية وكان بالمجلس ابن ربيعة ملك طيء ضيفاً فقال له: الهدية مشتركة فقال: أما لمثلنا فلا تصح الشركة ولا تليق وهي بجملتها لك فأخذها. قال بهجة الملك: فما أسف على هبتها بل على كونه لم يقف على أعيانها حتى يرى ما لم تقع عينه على مثله في مملكته. - (طب) وكذا الخطيب (عن الحسن بن علي) قال الهيثمي: وفيه يحيى بن سعيد القطان وهو ضعيف ورواه الطبراني أيضاً في الكبير والأوسط عن ابن عباس قال الهيثمي: وفيه مندل بن علي ضعيف وقد وثق ورواه أيضاً العقيلي وابن حبان في الضعفاء والبيهقي من حديث ابن عباس ثم قال العقيلي: لا يصح في هذا المتن حديث قال في الميزان: وقد علقه البخاري وقال: لا يصح قال في اللسان: وله طريق إلى ابن عباس موقوفة وسندها جيد اهـ. أما المرفوع فحكم ابن الجوزي بوضعه من جميع طرقه. 8297 - (من اتخذ من الخدم غير ما) أي أمة (ينكح) ها (ثم بغين) أي زنين (فعليه مثل آثامهن) لأنه السبب فيها (من غير أن ينقص من آثامهن شيء) قال في المطامح: هذا ظاهر من حيث المعنى لأن فاعل السبب كفاعل المسبب ولا يتحقق ذلك إلا إذا قدر على الكف والمنع من المعصية وأسبابها اهـ. وأخذ منه أن العاجز عن الوطء ينبغي له عدم اتخاذ السراري، ومن ثم قيل: إذا تزوج شيخ الدار غانية * مليحة القد تزهى ساعة النظر فقد تزايغ في أحواله وأتت * فأتى القيادة يستقصي عن الخبر - (البزار) في مسنده (عن سلمان) الفارسي وفيه عطاء بن يسار عن سلمان الفارسي، قال عبد الحق: وعطاء لم يعلم سماعه منه فإن فيه سعيد بن الجرو لا أعلم له وجوداً إلا هنا وفيه سلمة بن كلثوم يروي عنه جمع ومع ذلك هو مجهول الحال. [ص 27] 8298 - (من اتقى اللّه) أي أطاعه في أمره ونهبه ولم يعصه بقدر الاستطاعة (عاش قوياً) في دينه وبدنه حساً ومعنى، وأي قوة أعظم من التأييد والنصر - (حل عن علي) أمير المؤمنين ورواه بهذا اللفظ العسكري عن سمرة مرفوعاً. 8299 - (من اتقى اللّه أهاب اللّه منه كل شيء ومن لم يتق اللّه أهابه اللّه من كل شيء) لأن من كان ذا حظ من التقوى امتلأ قلبه بنور اليقين فانفتح عليه من الجلال والهيبة ما يهابه به كل من يراه وبقلة التقوى يقل اليقين وتستولي الظلمة على القلب ومن هذا حاله فهو كالكلب فأنى يهاب؟ فعلى قدر خوف العبد من ربه يكون خوف الخلق منه فكلما اشتد خوف العبد من الرب اشتد خوف الخلق منه، قال بعضهم: الخائف الذي يخافه المخلوقات وهو الذي غلب عليه خوف اللّه وصار كله خوفاً وقد كان سعيد بن المسيب مع شدة زهده وتقشفه يستأذنون عليه هيبة له كما يستأذنون على الأمراء بل أشد، وكان يقول: ما استغنى أحد باللّه إلا وافتقر الناس إليه. - (الحكيم) الترمذي (عن واثلة) بن الأسقع. 8300 - (من اتقى اللّه كل) بفتح الكاف وشد اللام (لسانه ولم يشف غيظه) ممن فعل به مكروهاً لأن التقوى عبارة عن امتثال أوامر اللّه وتجنب نواهيه ولن يصل العبد إلى القيام بأوامره إلا بمراقبة قلبه وجوارحه في لحظاته وأنفاسه بحيث يعلم أنه مطلع عليه وعلى ضميره ومشرف على ظاهره وباطنه محيط بجميع لحظاته وخطراته وخطواته وسائر حركاته وسكناته وذلك مانع له مما ذكر فمن زعم أنه من المتقين وهو ذرب اللسان منتصر لنفسه مشف لغيظه فهو من الكاذبين، لا، بل من الهالكين. - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (التقوى عن سهل بن سعد) ورواه عنه أيضاً الديلمي في مسند الفردوس، قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف قال: ورأيناه في الأربعين البلدانية للسلفي. 8301 - (من اتقى اللّه وقاه كل شيء) يخافه - (ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً الخطيب في تاريخه باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجاً لأحد من المشاهير غير جيد. 8302 - (من أثكل) أي فقد (ثلاثة من صلبه) بضم أوله المهملة (في سبيل اللّه فاحتسبهم على اللّه وجبت له الجنة) [ص 28] تفضلاً منه بإنجاز وعده ولا يجب على اللّه شيء، قال في الفردوس: أي يحتسب الأجر على غصة حرقة المصيبة. - (طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رجال الطبراني ثقات اهـ. وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والطبراني باللفظ المذكور من الوجه المزبور: رواته ثقات، فكان ينبغي للمؤلف عزوه لأحمد إذ هو أولى بالعزو من الطبراني ثم إنه أيضاً قد رمز لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته. 8303 - (من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة) قال بعض شراح المصابيح: المراد بالوجوب هنا وفيما مر ويأتي الثبوت لا الوجوب الاصطلاحي (ومن أثنتيم عليه شراً) بنصب خير وشر بإسقاط الجار، وذكر الثناء مقابلاً للشر للمشاكلة (وجبت له النار) أي إن طابق الثناء الواقع لأن مستحق أحد الدارين لا يصير من أهل غيرها بقول يخالف الواقع أو مطلقاً لأن إلهام الناس الثناء آية أنه غفر له، وأورد لفظ الوجوب زيادة في التقريع والتهديد وإلا فقد يغفر للعاصي المؤمن قال القرطبي: هذا الحديث يعارضه حديث البخاري لا تسبوا الأموات إلخ، والثناء بالشر سب فقيل: خاص بالمنافقين الذين شهد فيهم الصحب بما ظهر منهم وقيل: هو عام فيمن يظهر الشر ويعلن به فيكون من قبيل لا غيبة لفاسق وقيل: النهي بعد الدفن لا قبله (أنتم شهداء اللّه في الأرض) قاله ثلاثاً للتأكيد، وفي إضافة الشهداء إلى اللّه غاية التشريف وإشعار بأنهم عنده بمنزلة علية لأنه عدلهم حيث قبل شهادتهم - (حم ق ن عن أنس) قال: قاله لما مر بجنازة فأثنى عليها. 8304 - (من اجتنب أربعاً) من الخصال (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب كما مر نظيره غير مرة (الدماء) بأن لا يريق دم امرئ ظلماً (والأموال) بأن لا يتناول منها شيئاً بغير حق (والفروج) بأن لا يستمتع بفرج غير حليلته أو بفرج حليلته حيث قام بها مانع عارض كحيض وغيره (والأشربة) بأن لا يدخل جوفه شراباً شأنه الإسكار وإن لم يسكر لقلته. - (البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه داود بن الجراح. قال ابن معين وغيره: يغلط في حديث سفيان دون غيره، قال الهيثمي: وهذا من حديثه عن سفيان وعد في الميزان هذا من مناكير داود ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح. 8305 - (من أجرى اللّه على يديه فرجاً لمسلم) معصوم (فرج اللّه عنه كرب الدنيا والآخرة) جزاءاً وفاقاً، وهذا فضل عظيم لقضاء حوائج الناس لم يأت مثله إلا قليلاً. - (خط عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين، وفيه المنذر بن زياد الطائي [ص 29] قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك. 8306 - (من أجل سلطان اللّه يوم القيامة) أراد بسلطان اللّه الإمام الأعظم أو المراد بسلطانه ما تقتضيه نواميس الألوهية، وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه اللّه، وقد ورد هذا صريحاً في خبر رواه الطيالسي. - (طب عن أبي بكرة) 8307 - (من أحاط حائطاً على أرض فهي له) أي من أحيا مواتاً وحاط عليه حائطاً من جميع جوانبه ملكه فليس لأحد نزعه منه وهذا حجة لأحمد أن من حوّط جداراً على موات ملكه وعند الشافعية الإحياء يختلف باختلاف المقاصد وحملوا الخبر على من قصد نحو حوش لا دار. - (حم د) في الإحياء (والضياء) في المختارة كلهم من حديث الحسن (عن سمرة) قال ابن حجر: في صحة سماعه منه خلف ورواه عبد بن حميد من حديث جابر. 8308 - (من أحب للّه) أي لأجله ولوجهه مخلصاً لا لميل قلبه وهوى نفسه (وأبغض للّه) لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه (وأعطى للّه) أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه (ومنع للّه) أي لأمر للّه كأن لم يصرف الزكاة لكافر لخسته وإلا لهاشمي لشرفه بل لمنع اللّه لهما منها واقتصار المصنف على هذا يؤذن بأن الحديث ليس إلا كذلك بل سقط هنا جملة وهي قوله ونكح للّه، هكذا حكاه هو عن أبي داود في مختصر الموضوعات (فقد استكمل الإيمان) بمعنى أكمله، ذكره المظهر، قال الطيبي: وهو بحسب اللغة، أمّا عند علماء البيان ففيه مبالغة لأن زيادة البناء زيادة في المعنى كأنه جرّد من نفسه شخصاً يطلب منه الإيمان، وهذا من الجوامع المتضمنة لمعنى الإيمان والإحسان، إذ من جملة حب اللّه حب رسوله ومتابعته. لو كان حبك صادقاً لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع ومن جملة البغض للّه النفس الأمّارة وأعداء الدين، وقال بعضهم: وجه جعله ذلك استكمالاً للإيمان أن مدار الدين على أربعة قواعد: قاعدتان باطنتان، وقاعدتان ظاهرتان، فالباطنتان الحب والبغض، والظاهرتان الفعل والترك، فمن استقامت نيته في حبه وبغضه وفعله وتركه للّه فقد استكمل مراتب الإيمان. (تتمة) قال في الحكم: ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضاً ولا يطلب منه عرضاً بل المحب من يبذل لك ليس المحب الذي تبذل له وقال ابن عربي: من صفة المحب أنه خارج عن نفسه بالكلية وذلك أن نفس الإنسان الذي يمتاز بها عن غيره إنما هي إرادته فإذا ترك إرادته لما يريد منه محبوبه فقد خرج عن نفسه بالكلية فلا تصرف له إلا به وفيه وله فإذا أراد به محبوبه أمراً علم هذا المحب ما يريده محبوبه منه أو به سارع لقبوله لأنه خرج له عن نفسه فلا إرادة له معه. - (د) في السنة (والضياء) المقدسي وكذا البيهقي في الشعب (عن أبي أمامة) وخرجه الترمذي وكذا الإمام أحمد عن معاذ بن أنس مثله قال الحافظ العراقي: وسند الحديث ضعيف اهـ. أي وذلك لأن فيه كما قال المنذري القاسم بن عبد الرحمن الشامي تكلم فيه غير واحد. 8309 - (من أحب لقاء اللّه) أي المصير إلى ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان اللّه وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب اللّه لقاءه) أي أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء اللّه) حين يرى ماله من العذاب حالتئذ (كره اللّه لقاءه) أبعده من رحمته وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف [ص 30] منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى لقاءه، والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء اللّه حين أحب اللّه لقاءهم لأن المحبة صفة اللّه ومحبة العبد ربه منعكسة منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم يحبهم على يحبونه في التنزيل كذا قرره جمع، وقال الزمخشري: لقاء اللّه هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند اللّه فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوماً وليس الغرض بلقاء اللّه الموت لأن كلاً يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود العظيم، وقال الحرالي: هذه المحبة تقع لعامة المؤمنين عند الكشف حال الغرغرة وللخواص في محل الحياة إذ لو كشف لهم الغطاء لما ازدادوا يقيناً فما هو للمؤمنين بعد الكشف من محبة لقاء اللّه فهو للموقن في حياته لكمال الكشف له مع وجوب حجاب الملك الظاهر. (تتمة) ذكر بعض العارفين أنه رأى امرأة في المطاف وجهها كالقمر معلقة بأستار الكعبة تبكى وتقول بحبك لي إلا ما غفرت لي فقال: يا هذه أما يكفيك أن تقولي بحبي لك فما هذه الجرأة؟ فالتفتت إليه وقالت له: يا بطال أما سمعت قوله تعالى {يحبهم ويحبونه} فلولا سبق محبته لما أحبوه، فخجل واستغفر. - (حم ق) في الدعوات (ت) في الزهد (ن) في الجنائز (عن عائشة وعن عبادة) بن الصامت وفي الباب غيرهما أيضاً. 8310 - (من أحب الأنصار) لما لهم من المآثر الحميدة في نصرة الدين وقيام نواميس الشريعة وقتالهم بالسنان واللسان على إعلان الإيمان (أحبه اللّه) أي أنعم عليه وزاد في تقريبه والإحسان إليه (ومن أبغض الأنصار أبغضه اللّه) أي عذبه قالوا: ومن علامة محبتهم محبة ذريتهم وأن ينظر إليهم نظره إلى آبائهم بالأمس كما لو كان معهم. - (حم تخ عن معاوية) بن أبي سفيان (ه حب عن البراء) بن عازب قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح. 8311 - (من أحب أن يكثر اللّه خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع) يحتمل أن المراد الوضوء الشرعي ويحتمل اللغوي ثم رأيت المنذري قال في ترغيبه: المراد به غسل اليدين ويظهر أنه أراد بالغذاء ما يتغذى به البدن وإن أكل آخر النهار لأن المراد ما يؤكل أوله فقط، وفيه ردّ على مالك في كراهته غسل اليدين قبله لأنه من فعل العجم من حديث جنادة بن المفلس عن كثير بن سليم. - (ه عن أنس) بن مالك قال الزين العراقي: وجنادة وكثير ضعيفان وجزم المنذري بضعف سنده، وقال في الميزان: ضعفه ابن المزني وأبو حاتم، وقال النسائي: متروك وقال أبو زرعة: واه وقال البخاري: منكر الحديث وساق له أخباراً هذا منها. 8312 - (من أحب شيئاً أكثر من ذكره) أي علامة صدق المحبة إكثار ذكر المحبوب، ولهذا قال أبو نواس: وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى * فلا خير في اللذات من دونها ستر قال في الرعاية: علامة المحبين كثرة ذكر المحبوب على الدوام لا يتقطعون ولا يملون ولا يفترون فذكر المحبوب هو الغالب على قلوب المحبين لا يريدون به بدلاً ولا يبغون عنه حولاً ولو قطعوا عن ذكر محبوبهم فسد عيشهم، وقال بعضهم: علامة المحبة ذكر المحبوب على عدد الأنفاس. <فائدة> اجتمع عند رابعة علماء وزهاد وتفاوضوا في ذمّ الدنيا وهي ساكتة فلاموها فقالت: من أحب شيئاً أكثر من ذكره إما بحمد أو ذمّ فإن كانت الدنيا في قلوبكم لا شيء فلم تذكرون لا شيء؟ - (فر عن عائشة) ورواه عنها أيضاً أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي فلو عزاه المصنف إليه أو جمعهما لكان أولى. [ص 31] 8313 - (من أحب دنياه أضر بآخرته) لأن من أحب دنياه عمل في كسب شهوتها وأكب على معاصيه فلم يتفرغ لعمل الآخرة فأضر بنفسه في آخرته ومن نظر إلى فناء الدنيا وحساب حلالها وعذاب حرامها وشاهد بنور إيمانه جمال الآخرة أضر بنفسه في دنياه يحمل مشقة العبادات وتجنب الشهوات فصبر قليلاً وتنعم طويلاً، ولأن من أحب دنياه شغلته عن تفريغ قلبه لحب ربه ولسانه لذكره فتضر آخرته ولا بد كما أن محبة الآخرة تضر بالدنيا ولا بد كما قال (ومن أحب آخرته أضر بدنياه) أي هما ككفتي الميزان فإذا رجحت إحدى الكفتين حفت الأخرى وعكسه وهما كالمشرق والمغرب، ومحال أن يظفر سالك طريق الشرق بما يوجد في الغرب وهما كالضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، فالجمع بين كمال الاستئصال في الدنيا والدين لا يكاد يقع إلا لمن سخره اللّه لتبديل خلقه في معاشهم ومعادهم وهم الأنبياء أما غيرهم فإذا شغلت قلوبهم بالدنيا انصرفت عن الآخرة وذلك أن حب الدنيا سبب لشغله بها والانهماك فيها وهو سبب للشغل عن الآخرة فتخلو عن الطاعة فيفوت الفوز بدرجاتها وهو عين المضرة. بنى ملك مدينة وتأنق فيها ثم صنع طعاماً ونصب ببابها من يسأل عنها فلم يعبها إلا ثلاثة فسألهم فقالوا: رأينا عيبين، قال: وما هما؟ قالوا: تخرب ويموت صاحبها قال: فهل ثم دار تسلم منهما؟ قالوا: نعم الآخرة، فتخلى عن الملك وتعبد معهم ثم ودعهم فقالوا: هل رأيت منا ما تكره؟ قال: لا لكن عرفتموني فأكرمتموني فأصحب من لا يعرفوني. والباء في القرينتين للتعدية (فآثروا ما يبقى على ما يفنى) ومن أحبها صيرها غايته وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها اللّه وسائل إليه والى الآخرة فعكس الأمر وقلب الحكمة فانتكس قلبه وانعكس سره إلى وراء فقد جعل الوسيلة غاية والتوسل بعمل الآخرة بالدنيا وهذا سر معكوس من كل وجه وقلب منكوس غاية الانتكاس، وقد ذم اللّه من يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة بقوله {يحبون العاجلة ويذرون الآخرة} وذم حبها يستلزم مدح بغضها، وقال عليٌّ: الدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب إذا قربت من إحداهما بعدت عن الأخرى. - (حم ك) من حديث المطلب بن عبد اللّه (عن أبي موسى) الأشعري، قال الحاكم: على شرطهما ورده الذهبي وقال: فيه انقطاع اهـ وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد ثقات. 8314 - (من أحب أن يسبق الدائب) أي المجد المجتهد، من دأب في العمل جد أو تعب (المجتهد) أي المجد البالغ (فليكف عن الذنوب) لأن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان ويثمر الخسران، وقيد الذنوب يمنع من المشي إلى الطاعة ومسارعة الخدمة وثقل الذنوب يمنع من الخفة للخيرات والنشاط في الطاعات. والدين شطران ترك المناهي وفعل الطاعات، وترك المناهي وهو الأشد فمن كف عنها فهو من السابقين المجدين حقاً والطاعة يقدر عليها كل أحد وترك الشهوات لا يقدر عليها إلا الصديقون وجوارحك نعمة من اللّه عليك ونعمة لدينك فالاستعانة بنعمة اللّه على معصيته غاية الكفران والخيانة في الأمانة الموعودة عندك غاية الطغيان. - (حل) من حديث عبد اللّه بن محمد بن النعمان عن فروة بن أبي معراء عن علي بن مسهر عن يوسف بن ميمون عن عطاء (عن عائشة) ثم قال: غريب تفرد به يوسف عن عطاء. 8315 - (من أحب أن يتمثل له الرجال) وفي رواية العباد وفي أخرى عباد اللّه (قياماً) أي ينتصب والمثول الانتصاب يعني يقومون قياماً بأن يلزمهم بالقيام صفوفاً على طريق الكبر والتجوه أو بأن يقام على رأسه وهو جالس قال الطيبي: قياماً يجوز كونه مفعولاً مطلقاً لما في التمثيل من معنى القيام وأن يكون تمييز الاشتراك التمثيل بين المعنيين (فليتبوأ [ص 32] مقعده من النار) قال الزمخشري: أمر بمعنى الخبر كأنه قال من أحب ذلك وجب له أن ينزل منزلته من النار وحق له ذلك اهـ. وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء بنفسه واعتقاد الكمال وذلك عجب وتكبر وجهل وغرور ولا يناقضه خير قوموا إلى سيدكم لأن سعداً لم يحب ذلك والوعيد إنما هو لمن أحبه قال النووي: ومعنى الحديث زجر المكلف أن يحب قيام الناس له ولا تعرض فيه للقيام بنهي ولا بغيره والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه وإن أحبه أثم قاموا أو لا فلا يصح الاحتجاج به لترك القيام ولا يناقضه ندب القيام لأهل الكمال ونحوهم اهـ. - (حم د) في الأدب (ت) في الاستئذان (عن معاوية) رمز لحسنه وهو تقصير فقد قال المنذري: رواه أبو داود بإسناد صحيح، قال الديلمي: وفي الباب عمرو بن مرة وابن الزبير. 8316 - (من أحب فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح) قال الإمام: المحبة توجب الإقبال بالكلية على المحبوب وامتثال أمره والإعراض عن غيره واتباع طريقته ممن ادّعى محبته وخالف سنته فهو كذاب وكتاب اللّه يكذبه - (هق عن أبي هريرة) قال أعني البيهقي: هو مرسل اهـ. ورواه أبو يعلى عن ابن عباس باللفظ المذكور ورواه أيضاً عن عبيد بن سعد قال الهيثمي: ورجاله ثقات ثم إن كان عبيد بن سعد صحابي وإلا فمرسل. 8317 - (من أحب قوماً حشره اللّه في زمرتهم) فمن أحب أولياء الرحمن فهو معهم في الجنان ومن أحب حزب الشيطان فهو معهم في النيران قالوا: وذا مشروط بما إذا عمل مثل عملهم ولهذا يمثل لمحب المال ماله شجاعاً أقرع يأخذ بلهزمتيه يقول أنا مالك أنا كنزك ويصفح له صفائح من نار فيكوى بها وعاشق الصدر إذا اجتمع هو ومعشوقه على غير طاعة تجمع بينهما في النار ويعذب كل منها بصاحبه إذ - (طب والضياء) المقدسي (عن أبي قرصافة) بكسر القاف واسمه حيدة قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم فقال السخاوي: فيه إسماعيل بن يحيى التيمي ضعيف.
|